الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة ما بقى في البال من قرطاج: من «الـمزود» الى الـموسيقى البديلة وهـذه «كـــاشـيـات» الـنـجــــوم

نشر في  30 أوت 2017  (11:38)

أسدل الستار مساء السبت 19 أوت على فعاليات الدورة 53 لمهرجان قرطاج الدولى، وذلك بعرض «بهارتي 2» من الهند، دورة انطلقت يوم الخميس 13 جويلية 2017 بعرض «ستون سنة من الموسيقى التونسية» للموسيقار الشاذلي القرفي وتواصلت على مدار 27 عرضا متنوعا جمع بين الموسيقى والمسرح والرقص بالركح الروماني بقرطاج، و13 عرضا بالمتحف الاثري .
ولئن لاقت بعض عروض الدورة 53 من مهرجان قرطاج الدولي استحسان الجمهور والنقاد، فان بعض العروض صاحبتها موجة من الانتقادات واتهمت بانها لا تليق باسم وعراقة هذا المهرجان ولا بركحه الذي اعتلاه وديع الصافي وصباح فخري وشارل آزنافور وخوليو إيغليسياس وآخرون من عمالقة الفن الجميل .
2 مليار هي قيمة الميزانية التي رصدتها وزارة الشؤون الثقافية للدورة 53 لمهرجان قرطاج الدولي تحت إدارة مختار الرصاع، اي بتخفيض قدر ب400 ألف دينار مقارنة بالسنة الفارطة، ويبدو أن هذا التراجع في الميزانية ولو بمبلغ ضئيل مقارنة بما هو مرصود، أثر على الاختيارات وكان سببا في الغاء بعض العروض حسب ما بلغنا من كواليس ادارة المهرجان، وبطبيعة الحال يحق لنا القول ان هذه الدورة لم تكن استثنائية من ناحية الميزانية بل أيضا من ناحية الادارة حيث وضعت خطوطها العريضة امال موسى ليتسلم عنها المشعل مختار الرصاع الغائب الحاضر في هذه الدورة، وبالتالي فان الدورة 53، عرفت جدلا لا فقط مع انطلاقها بل حتى قبل ذلك .

الأكثر مبيعا

من جهتنا حاولنا في أخبار الجمهورية ومن مصادر خاصة معرفة أبرز العروض التي لاقت اقبالا جماهيريا وكان الأكثر مبيعا من حيث التذاكر، ورغم عدم حصولنا عن الأرقام بالتفصيل، فاننا تمكنا من معرفة ترتيب هذه العروض، حيث احتلت سهرة الفنانة المصرية شيرين المرتبة الأولى بمبيعات فاقت ال7 الاف تذكرة، في حين احتل عرض لطفي العبدلي المرتبة الثانية من ناحية عدد التذاكر مبيعا، يليه عرض الفنان اللبناني راغب علامة، فناصيف زيتون، اما المرتبة الخامسة والسادسة فآلت الى عرض الأطفال la reine des neiges  لتحتل نانسي عجرم المرتبة الثامنة تليها فايا يونان، فلينا شاماميان، اما المرتبة العاشرة فكانت من نصيب السعودي عبد الرحمان محمد.
من جهتنا ولئن نؤكد أهمية الحضور الجماهيري، فان هذا المقياس لا يعكس بالضرورة نجاح العروض فنيا وابداعيا .

من «مجنونة قلبي» الى «اصابك عشق» و»أسمر اللون»

دورة أثبتت من جديد أن جمهور قرطاج هو جمهور نوعي ومتغير، عكس جمهور مهرجان الحمامات على سبيل المثال، وما يدفعنا الى قول مثل هذا الكلام هو الاقبال الجماهيري الكبير على العروض التجارية والتجارب البديلة في الآن ذاته، وهنا نذكر بأن الدورة 53 لمهرجان قرطاج الدولي عاشت على أنغام الصوفي بعرض «المدحة» والعروض الفرجوية بعرض «المدينة»، والشبابية ونقصد الراب بلاك ام وبوبا واللون الشعبي: وليد التونسي، والموسيقى الشرقية: راغب علامة، شيرين عبد الوهاب، نانسي عجرم وناصيف زيتون، والراي: قادير جابوني، والتجارب البديلة الاستثنائية في تونس والوطن العربي: لينا شماميان، صبري مصباح، فايا يونان، آمال المثلوثي، عبد الرحمان محمد، والوان مان شو: لطفي العبدلي، ميشال بوجناح ورؤوف بن يغلان، و المسرح من خلال مسرحية دراما : عائشة والشيطان وغيرها من العروض المتنوعة.
ولئن برهنت بعض هذه السهرات على تغير الذوق العام لدى الجمهور التونسي الذي بات يقبل على الموسيقى البديلة، فان هذا لا يمنعنا من الاعتراف أن مهرجان قرطاج والذي سبق واستقبل عمالقة الفن العربي والغربي، بات مرتعا لكل من هبّ ودبّ وفي طريقه الى اتخاذ المنحى التجاري كغيره من التظاهرات التي يشرف عليها مجموعة من «العرابنية» .
دورة استمعنا فيها الى وليد التونسي «يشدو» بـ«مجنونة قلبي» وعبد الرحمان محمد يأسر معجباته بـ«اصابك عشق» ولينا شاماميان تطرب جمهورها بأسمر اللون، وراغب علامة يثير حماسة الجمهور بـ«شفتك اتلخبطت» واما «مشاعر» شيرين فحركت الأوجاع والسواكن.. تناقض قد يقال عنه انه ارضاء لجميع الاذواق، وقد نقول عنه «هذا ما يطلبه الجمهور».
ولئن نراعي ونحترم حق الشباب في الاستمتاع باغانيهم ومواكبة عصرهم، فاننا نشير الى أنه لكل مقام مقال، ولا ننكر أن البعض ممن اعتلى الركح الاثري هذه الدورة مكانهم الحقيقي هو العلب الليلية وليس ركح قرطاج.

غلاء التذاكر

في الاثناء لا بد من الاشارة الى مسألة غلاء التذاكر خاصة وأن العروض المبرمجة ليست ذات قيمة فنية مغرية .. وهنا نذهب الى فرضية نقص الميزانية المرصودة التي قد تكون السبب وراء رفع لجنة التنظيم في سعر التذاكر.. وقلّصت في المقابل أمامها هامش الاختيار الفني..

أبرز الكاشيات

ـ راغب علامة 148 الف دينار
ـ شيرين عبد الوهاب 148 الف دينار
ـ نانسي عجرم 148 الف دينار
ـ صوفية صادق 100 الف دينار
ـ لطفي العبدلي 100 الف دينار
ـ مقداد السهيلي 46 الف دينار
ـ عرض المدينة 46 الف دينار
ـ ايمن لاسيق واماني السويسي 46 الف دينار
ـ عائشة دراما والشيطان 30 ألف دينار

تصالح نسبي مع المسرح

الثابت أن جل من واكب عروض الدورات السابقة لاحظ الفراغ الذي تركته العروض المسرحية التي دأب المهرجان على احتضانها كل سنة ومنذ سنة 1963 بل وعرف بها، لكن الدورة 53 جاءت لتصالح ولو نسبيا ركح المسرح الروماني مع الفن الرابع وتبرمج عروض مسرحية حيث تمت برمجة «دراما عائشة والشيطان» التي لاقت اقبالا جمهيريا محترما..

الغاء للراب التونسي وترحيب بالغربي

لئن عبر البعض عن استيائه من برمجة كل من كلاي بي بي جي وبلطي ضمن فعاليات الدورة 53 من مهرجان قرطاج الدولي، فان جزءا كبيرا عبر هو الآخر عن استيائه من الغاء ادارة المهرجان لسهرة الراب التونسي اثر دعوة عدد من النقابات الأمنية الجهوية إلى مقاطعة تأمين حفلاته في كامل تراب الجمهورية، وفي الوقت الذي اعارت فيه ادارة مهرجان قرطاج اهتماما لموقف النقابات الأمنية فانها لم تعر ادنى اهتمام لما سببه حفل بوبا من سخط اثر ابراز احد عناصر فرقته لملابسه الداخلية أو تعمد هذا الاخير احتساء الخمر على خشبة المسرح، نفس الادارة تعاملت ببرود تام تجاه الحملة التي شنت ضد مغني الراب بلاك ام اثر ما بدر عنه من تصرفات خلال الندوة الصحفية قبل العرض .

احتجاجات على بوجناح  وزلة لسان شيرين

مشاركة الممثل الكوميدي الفرنسي من أصل تونسي ميشال بوجناح في الدورة 53 من مهرجان قرطاج أثارت هي الأخرى جدلا وانقساما واسعا في تونس حتى الساعات الأخيرة قبل العرض. حيث دعا ناشطون وجمعيات مدنية والاتحاد العام التونسي للشغل إلى إلغاء العرض الذي بيعت تذاكره في وقت قياسي. لكن الجدل لم يمنع بوجناح من أداء عرضه في 19 جويلية أمام جمهور غفير، وذلك بتزكية من ادارة المهرجان التي تشبثت بموقفه رغم كل الجدل الحاصل.
ونشير إلى أن هذه الدورة لم تخلف ردود افعال تجاه هذا العرض فحسب، بل ايضا نستحضر ما خلفه تعليق الراقص الكوليغرافي رشدي بلقاسمي، الذي اكد أن أن عددا من نواب النهضة تعمدوا تغطية وجوههم خلال عرضه الراقص على مسرح قرطاج في سهرة الافتتاح مساء الخميس، على خلفية تعريته لصدره .
ومن العروض الأخرى التي خلفت جدلا واسعا نذكر أيضا سهرة الفنانة شيرين وقصتها مع تونس و»البقدونس» حيث انقسمت الأراء بين مدافع عن النجمة المصرية معتبرا ما قالته خلال عرضها كان عفريا وتلقائيا وبين مهاجم لها ومعتبرا انها اساءت الى تونس

قنديل باب منارة

يبدو أن سياسية «قنديل باب منارة» متواصلة من ادارة الى اخرى، حيث تتسم كل ادارة بالكرم الحاتمي مع الأجانب في حين تعتمد سياسة التقشف مع كل ماهو محلي.

سناء الماجري